صرخة قدر
الكاتب: عهود الخفش
شريط متسلسل...مسلسل يرهف قلب الانسان والانسانية ....وتدمع عين كل من يشاهده ...ويمزق قلب كل من يسمع عنه...وتقشعر له ابدان كل من يحس بفاجعته ... ام واب بنيا بيتا ولكن اي بيت هذا؟! بيت مغلق اي محكوم الاغلاق منفتحا بالحب والحنان ...فجأة وكأنها هزة.... اخذ فيه البيت وكل شي بالانهيار...تفرق الاب والام والابن ... وقع السقف فوق الجمع... بدأت رحلة الشتات والعذاب والقهر والحسرة ...وضجت الروح بلوعة مكتومة ...
الاب كعادته يخرج من بيته قبل ان يلملم الليل اثوابه ويرحل
...فيرحل هو ويتخطى الحواجز والعوائق .... وينطلق دون اهتمام لشيء.... الا لشيء واحد (رغيفا من الخبز) فيحتتم الصراع في داخله... يلتزم الصمت والصبر والتريث الى حين... اخيرا يمتلكه ...تغمره الفرحة ... ويستقر ويستكين ... الجهود التي بذلها لم تكن عبثا ...فقد استطاع ان يمتلك ذلك الرغيف ... قمة السعادة التي تصبو اليه نفسه .... اخذت بالتلاشي تدريجيا .... هبت عليها ريح قوية ممزوجة برائحة الدم .. لطمته ... اختل توازنه....فقد السيطرة على ذاته.... غرق في خيال المستحيل .... سكت ... صرخ ويلاه هذا هو القدر......
الابن صرخ تحت الحطام..... صرخة تزلزل المكان.... وقال انقذوني يا عباد ....علت اصوات صاخبة انها الروح .... نعم انها الروح لا من سامع يجيب النداء .... انه القدر الذي اجابه ..... ايقن انه هو القدر ... توسل...طلب منه ...فلا مجال ...فكر بطريقة للخلاص ... مد يده تحت الركام وقال بحرقة انقذوني ....عله يهرب من هذا القدر..... فلم يجد سوى دمعة ابيه ... فمسحها بيده .... ابت فأبت. ان تتركه... تلاشى كل شيء حوله ... وغرق .. غرق في اغفاءة القدر ... وقال الوداع .... نعم الوداع ....
الام تائهة من هول الفاجعة .. محتارة... متساءلة بحسرة اين انت يا بني ...؟ أنتشلت الجثث هنا وهناك ... جثث محطمة ... وجثث محروقة ... وجثث متفحمة ... تصلب لسانها ... جف حلقها... وانفلت قلبها بنبض متدافع عنيف ......وأغرقت روحها بالسأم والمرارة ... لفظت جملتها الاخيرة متمتمة يا الله ساعدني لم اجد ابني ... ايا قدر لا تقول انك انت !! حزن... سكت لا يعرف ما سيقوله لها .... ايقنت انه هو القدر... .. نعم انه القدر ... امي انه القدر وانا في السماء ... نضرت هنا وهناك .. توقف قلبها ثواني ... وعادت من سكرتها بصرخة من اعماقها تزلزل الارض ومن عليها .... ويلاه هذا هو القدر ....
تراكضت الدموع في مواجهة القدر ... متوسله له متساءلة الا تستطيع ان تكون قدري انا وليس قدره ... سكت ... أيقنت انه لا مجال ... انه قدره ...انطفأت الشموع .. والروح احتارت بين الشمال والجنوب ... وغرقا في ظلمة المستحيل ... فحان الوداع ... ثم الوداع
وانتهى كل شي .... وانتهى الشريط بمأساه ... مأساة الشعب الفلسطيني بشكل عام ... ولكن هل هناك من يشاهده في العالم ... ام ان الذاكرة لم تخرج من غيبوبيتها لحين مجيء القدر والذي لا مفر منه .